بعد صدور المرسوم السامي بجدول الدرجات والرواتب ...مخاوف من هجرة الكفاءات إلى القطاع الحكومي وزيادة الفجوة بين القطاعين

أبدى عدد من المسؤولين والاقتصادين والعاملين تخوفهم من هجرة الكفاءات إلى القطاع الحكومي جراء التعديلات الأخيرة وتوحيد رواتب العاملين في القطاع المدني، وحذر بعضهم من اتساع الفجوة بين القطاعين الخاص والحكومي، خصوصا اتساع الهوة التي حدثت بعد تعديل جدول الرواتب الاخير.
هذه المخاوف وغيرها رصدتها "الشبيبة" باستطلاعها الآتي:
فجوة واضحة
بين رئيس لجنة الشباب والموارد البشرية بمجلس الشورى سابقا، سعادة سالم المعشني أنه أصبحت هناك فجوة بين موظفي القطاعين المدني والخاص وقال: نطالب بإعادة النظر في حوافز ورواتب القطاع الخاص وأيضا من حيث نظام التقاعد ومساواتها بالقطاع المدني، ويجب أن تتكاتف جميع الجهات لإيجاد التوازن في النواحي كافة، وأشار" قدمنا سابقا العديد من التوصيات والدراسات إلى مجلس الدولة. والهجرة لن تحدث كثيرا في القطاع الخاص لأن الوظائف الحكومية غير متوافرة بكثرة وباتت قليلة مقارنة بالسنوات الماضية".
بدوره أكد رئيس لجنة الخدمات والتنمية الاجتماعية سعادة مكتوم بن سعد المهري خلال سؤالنا له عن الفجوة الحاصلة بين رواتب القطاع الحكومي والخاص ومدى تأثيرها على العاملين، أن الحكومة لم تغفل موضوع الاختلاف الكبير بين درجات الرواتب في القطاعين، فالجهات المعنية قبل صدور جدول الرواتب وضعت دراسة شاملة لموظفي القطاع الخاص، مؤكدا ضرورة أن تساند الحكومة موظفي هذا القطاع ليصلوا بنفس درجات رواتب "الحكومي" ولابد من معالجة الفجوة الحاصلة الآن حتى لا يكون هناك نزوح من قطاع الخاص إلى القطاع الحكومي.
وقال المهري: "ننصح موظفي القطاع الخاص أن لا يتعجلوا في تقديم الاستقالات الجماعية، فدراسة توحيد الرواتب ترضي جميع القطاعات"، كما تمنى المهري أن تدعم الحكومة المؤسسات المتوسطة والصغيرة لتشجيع الموظفين الانخراط فيها.
وأشار إلى أن مجلس الشورى كان حريصا خلال جلساته على مناقشة كل أوضاع الباحثين عن عمل ومناقشة أوضاع العاملين في القطاعات المختلفة، فكل ما يمس هاجس المواطن يناقشه المجلس ويراعيه.
الحكومة لن تغفل عن القطاع
بدوره قال عضو مجلس الدولة رئيس لجنة تنمية الموارد البشرية سعود بن سليمان الحبسي إن الحكومة الرشيدة بذلت جهودا مقدرة في مجال رفع الرواتب في القطاع الخاص وكان آخرها قرار من مجلس الوزراء الموقر بتحديد أقل راتب للعاملين بالقطاع الخاص لايقل عن 325 ريالا عمانيا، وقد استفادت من هذا القرار شرائح عديدة من العاملين بالقطاع الخاص، وأنا على يقين أن الحكومة الرشيدة لم ولن تغفل هذا الجانب في اطار سعيها لرفع مستوى معيشة المواطن، وفقا لتوجيهات صاحب الجلالة- حفظه الله ورعاه.
من جانبه قال مسعود السعدي أحد موظفي القطاع الخاص: "أبارك لاخواننا الموظفين في القطاع المدني بتوحيد رواتبهم واستحقاقهم لهذه الزياده، بتوجيهات سامية من صاحب الجلاله السلطان قابوس المعظم"، وأضاف السعدي "أصبحت هنالك فجوة كبيرة بين القطاعين بحيث لا يمكن مساواتهما ببعضهما، فالقطاع الحكومي أصبح الآن الوجهة الرئيسية التي يتوجه اليها الباحثون عن عمل بعد توحيد الرواتب. لذلك نلتمس من الجهات المعنية النظر في القطاع الخاص ومساواته بالقطاع المدني، ودعم العُمانين الذين يعملون فيه والسماح لهم بالانضمام للقطاع المدني، فليس كل القطاع الخاص شركات نفط وغاز. وهو قطاع له مساهمة فعالة في تنشيط النهضة العمرانية في البلاد".

ووافقه الرأي أحمد بن مبارك البطاشي- موظف في القطاع الخاص- وقال "يبدو أن هذا القطاع مهمش رغم انه حيوي ويساهم في نمو اقتصاد البلد، وأصبحت هناك فجوة بين القطاعين من ناحية ساعات الدوام ومدخول الفرد وكذلك من ناحية الانتاجية .
وقال يوسف بن سالم بن سيف المكيني- موظف في القطاع الخاص: أشعر بالإحباط لهذه الزيادة التي منحت لموظفي القطاع المدني، حيث إن القطاع الخاص يعتبر أكثر إنتاجية ويتطلب جهدا أكبر للعمل، لذلك لايوجد هناك مساواة بين القطاعين من حيث الرواتب والحوافز المالية ويدفعنا هذا القرار لتقديم الاستقالة من القطاع الخاص والترشح لوظائف القطاع المدني مستقبلا من أجل الاستقرار المادي والوظيفي. وأضاف "أتمنى من الجهات المعنية النظر في القطاع الخاص ومعادلته بالقطاعات الأخرى من جميع النواحي المادية والمعنوية".
التأثيرات الإقتصادية
وعن التاثيرات الاقتصادية للمرسوم السلطاني قال الأستاذ المساعد بكلية الأقتصاد والعلوم السياسية بجامعة السلطان قابوس د.ناصر المعولي: إن المرسوم السلطاني الذي ينص على توحيد جدول الرواتب للعاملين في القطاع المدني للدولة يعكس الفكر السامي لجلالة السلطان في جعل المواطن العُماني هدفا للتنمية في السلطنة وضرورة توفير حياة آمنة ومستقرة له.
وأضاف المعولي أن توحيد رواتب العاملين في القطاع المدني للدولة سيكون له انعكاسات إيجابية على الفرد والمجتمع، بحيث يذيب الفوارق بين العاملين في هذا القطاع، ويوجد شعورا بالرضا والاستقرار الوظيفي ما يسهم في تحسين مستوى الإنتاجية وجعل التنافسية والجدارة هي أسس التقييم والتمايز بين الموظفيين.
وأشار المعولي أن من بين الأمور التي صاحبت القرار تطوير قانون الخدمة المدنية، وكذلك تطوير أسس وظوابط التوظيف في القطاع المدني للدولة وجعل الكفاءة هي أساس الترقيات في هذا القطاع.
وأوضح المعولي أن توحيد جدول الرواتب وما يترتب عليه من زيادات للعاملين في القطاع المدني للدولة سينعش الاقتصاد المحلي وخصوصا في قطاعات البيع والتجزئة والعقار، وأن تأثيراته التضخمية وارتفاع الأسعار ستكون محدودة وغير مقلقة، لأن الاقتصاد العُماني ما زال بعيدا عن التشغيل الكلي، والارتفاع في الأسعار سيكون طفيفا جدا وسيقتصر على الكماليات وليس المواد الأساسية لاستمرار الطلب عليها قبل زيادة الرواتب.
وعن تأثيرات القرار على القروض الشخصية، أكد المعولي أن هناك توجيهات من البنك المركزي للبنوك بعدم رفع سقف القروض واستغلال هذه الزيادة، كما أن معظم من حصلوا على هذه الزيادات قد أسسوا أسرهم وبالتالي لا يحتاجون لقروض إضافية.

واكد المعولي بأن الزيادة لن تؤثر على المشاريع الإنمائية للسلطنة كون المبالغ قد رصدت لها مسبقا، كما أن الاكتشافات النفطية والغاز وارتفاع أسعارهما تعززان من توجهات الحكومة في السعي لإنجاز المشاريع الإنمائية.
وعن تأثير زيادة رواتب القطاع المدني على العاملين في القطاع الخاص قال ناصر المعولي إن الشركات الكبيرة لديها القدرة في إعطاء رواتب مجزية للعاملين لديها، بل أن بعضها كانت سباقة وأعطت رواتب تزيد عما تعطيه الحكومة.
وأشار المعولي أن التأثير سيكون أكبر على العاملين في الوظائف الدُنيا وعلى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي ليس لديها القدرة في زيادة رواتب العاملين عليها مما يستوجب على الحكومة ان تدعم العاملين في هذه المؤسسات وذلك من خلال التدريب والتاهيل أو دفع جزء من رواتبهم لتكون قريبة الوظائف الحكومية.
وأضاف المعولي "على الشركات المبادرة في تحفيز العاملين لديها للمحافظة عليهم، وتقليل الضغط على القطاع العام للدولة، وأن الحوافز ليس بالضرورة أن تكون مادية بقدر ما تكون مرضية للعاملين لديها".
من جانبه قال نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب في شركة صناعة الكابلات العُمانية حسين بن سلمان اللواتي أن توحيد جدول الرواتب للعاملين في القطاع المدني للدولة يحقق العدالة الاجتماعية وأن هذا ما تعوده المواطن العُماني من جلالة السلطان.
وأضاف اللواتي "بعد هذه التعديلات يجب أن تعمل وحدات القطاع المدني للدولة على وضع آليات لزيادة الإنتاج وإيجاد معايير للإنتاجية يتم من خلالها تقييم العاملين لديها وأن تكون مبنية على أسس الثواب والعقاب".
الهجرة للقطاع الحكومي
وعن تأثيرها على العاملين في القطاع الخاص وإمكانية حدوث هجرة للقطاع العام قال اللواتي: "على الشركات أن لا تقلق من هذه المسألة طالما أنها جادة في تقدير العاملين لديها، وأن بعض شركات القطاع الخاص تعطي رواتب وحوافز تزيد من ما كانت تعطيه الحكومة".
وأضاف اللواتي أن توحيد الرواتب والزيادة للعاملين في القطاع العام هو سعي مقدر من الحكومة للتقارب مع الرواتب في بعض شركات القطاع الخاص والحفاظ عليها من الهجرة المعاكسة.
وأكد اللواتي ان إدارات الشركات يجب أن تكون قريبة من موظفيها ومحاولة إيجاد تفاهم ومقاربة للحوافز لمنع حدوث الدوران الوظيفي الذي يؤثر سلبا على إنتاج الشركة.
واختتم اللواتي كلامه "مخاوف القطاع الخاص تكمن في إمكانية حدوث التضخم بعد هذه الزيادات والذي سيؤثر سلبا عليه مما يستوجب العمل بجد من أجل التقليل من الآثار السلبية لهذه الزيادات".
أما نائب المدير العام للاستثمار والتطوير، رئيس مجموعة إدارة الاستثمار ببنك عُمان العربي لؤي البطاينة فأكد أن جدول الرواتب الجديد لن يشكل نزيفا كبيرا للقطاع الخاص، خاصة بالنسبة للمجالات القوية مثل البنوك والنفط والاتصالات والمقاولات، فهذه القطاعات لها منظومتها ومكانتها وتتعامل مع موظفيها بكثير من الاهتمام، لذلك تستقطب الشباب العُماني كثيرا وتوفر أجواء عمل مثالية، وقد حقق القطاع المصرفي أعلى نسبة تعمين، وهذه القطاعات القوية تشكل عامل جذب كبير للشباب العُماني، ولا اتوقع ان موظفا مرموقا في هذه القطاعات سيفكر بالانتقال إلى القطاع الحكومي لأن مستقبله واضح ويجد في مكانه كل حوافز البقاء وبالتالي هذه القطاعات القوية لا اتوقع ان تشهد نزيفا كبيرا وربما يكون ذلك في الشركات الصغرى أو التي تعاني من ضعف او ليس لديها مستقبل واضح المعالم.
وختم البطاينة حديثه "للقطاع الخاص مرونة في استقطاب الشباب العماني وهو يوفر فرص واعدة لهم ويستقطبهم ويدربهم ويأهلهم كما انه يحثهم على تطوير مستواهم لاحلالهم بدل القوى العاملة الوافدة ليس فقط في الوظائف الدنيا بل المتوسطة والعليا ولنا في السلطنة نماذج كثيرة لشركات في القطاع الخاص قامت على أكتاف عمانيين ويديرونها بكفاءة بل ويعملون وفق خطة لتحضير الجيل الذي سيواصل المسيرة من خلال استقطاب الشباب العماني الكفء وتاهيله وتحضيره ليتولى المسؤولية".
المدير العام لشركة "اي اف سي" أكد من جانبه ان بعض المجالات في القطاع الخاص ستتاثر كثيرا بجدول الرواتب الجديد وتشهد نزيفا في صفوف عمالها وهذا لانها لا تستطيع ان تجاري وتيرة جدول الرواتب الجديد منها، فالموظف بدوره له طموحاته الخاصة، بينما هناك قطاعات اخرى قوية ولها قاعدة صلبة لن تتاثر بهذا الجدول الجديد لانها تتمتع باستقرار وظيفي ولديها منظومة عمل توفر لموظفيها كل عوامل الاستقرار و البقاء في المنصب مثل قطاعات المصارف والنفط. واختتم حديثه "المرحلة المقبلة سوف تكون فارقة للكثير من الشركات في بعض المجالات بالقطاع الخاص، لان الكثير من الشباب سوف يبحث عن فرصة عمل في القطاع الحكومي الذي كان من قبل مطمح الشباب.
بدوره أكد رئيس مجلس إدارة مجموعة "تاول" حسين بن جواد اللواتي أن الزيادت التي طرأت على رواتب الموظفين العمانيين المدنيين سيكون لها انعكاسات إيجابية على الاقتصاد العماني بشكل عام وعلى النواحي الاجتماعية بشكل خاص؛ حيث إن زيادة دخل الأسر العمانية سيساهم في توفير المزيد من سبل الراحة والرفاهية والاطمئنان للمواطنين وهو مسعى رئيسي لحكومة السلطنة منذ إشراقة نهضة عمان الحديثة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه ـ. واستدرك اللواتي: لكننا نتمنى أن تتم الاستفادة من زيادة الرواتب في الإنفاق على الجوانب الأساسية وعدم إنفاقها على "الكماليات"؛ حيث إننا ندرك طبيعة شعوب المنطقة وتركيز الإنفاق على الكماليات بشكل كبير. وعن أثر الزيادة على القطاع الخاص والتوقعات التي تشير إلى العزوف عن العمل به بسبب الفوارق الكبيرة في الامتيازات المادية بين القطاعين، قال اللواتي: ربما هذا الامر يحدث في السنتين المقبلتين، وهو ما سيضع القطاع الخاص تحت تحديات كبيرة أهمها ترك القوى العاملة الوطنية للقطاع والتوجه للقطاع العام أو التمسك بهذه العمالة مقابل توفير المميزات التي تعادل أو تفوق تلك المتوافرة في القطاع العام. أي أن القطاع الخاص سيكون تحت ضغط تعديل أوضاع موظفيه للمحافظة عليهم، وهنا نؤكد بأن القطاع الخاص كان و ما زال على استعداد لدفع رواتب ومميزات جيدة للموظف المؤهل والمدرب والراغب في العمل في القطاع والاستمرار فيه، شريطة أن يكون الموظف قابل للتطور والعطاء. متوقعا أن تشهد المرحلة المقبلة مطالبات بزيادة الرواتب من قبل موظفي القطاع الخاص. أما عن توقعاته بحدوث ارتفاع في الأسعار قال اللواتي: لا أتوقع حدوث أية ارتفاعات في الأسعار كنتيجة مباشرة لزيادة الرواتب، ولكن قد نشهد ارتفاع في الاسعار مرتبط بأمور أخرى. واختتم اللواتي حديثه بالتأكيد على أهمية أن تكون الزيادة في الرواتب حافزا للشباب سواء للعاملين في القطاع العام أو القطاع الخاص بحيث تنعكس إيجابا على جديتهم في العمل والسعي لاكتساب المعرفة والتطور المهني.
من جانبه رأى العضو المنتدب بشركة المتحدة للأوراق المالية حسن علي جواد أن الزيادة في الرواتب ستساهم في تحريك عجلة الاقتصاد دون أدنى شك. متمنيا أن يتم استغلالها في الجوانب الأساسية والابتعاد قدر الإمكان عن الإنفاق على الكماليات. مضيفا: نتمنى عدم السعي إلى زيادة القروض الشخصية بل بالعكس يمكن للشخص المقترض زيادة نسبة السداد لقرضه السابق حتى تكون أوضاعه المستقبلية أفضل. مبينا أن الهدف الرئيسي من هذه الزيادات هو تحسين الجوانب الاجتماعية للمواطنين. وعن تأثر القطاع الخاص بالزيادات التي طرأت على رواتب المواطنين المدنيين قال حسن علي: بالتأكيد سيكون لها تاثيرات سلبية على القطاع الخاص، لعل من أبرزها حدوث حالة عزوف عن العمل به، خاصة في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والتي لن تستطيع أن تواكب الزيادات الأخيرة مما قد يجعل موظفيها أول من يقرر ترك العمل والتوجه للعمل الحكومي، فيما ستختلف التأثيرات على القطاعات الأخرى باختلاف طبيعة العمل والمميزات التي يوفرها القطاع لموظفيه. وعن التوقعات بحدوث ارتفاع في الاسعار قال حسن بن علي: اعتقد أنه أمر طبيعي وذلك نتيجة زيادة الطلب المتوقعة كنتيجة لزيادة الدخل، ولكن لن الزيادات بالشكل الكبير. واختتم حسن بن علي بن جواد حديثه بالقول: نتمنى أن يكون التأثير الناتج عن الزيادات على القطاع الخاص أقل من المتوقع، وبالتأكيد فإن الحكومة قد درست الموضوع من جميع الجوانب.

المصدر : http://shabiba.com/News/Article-26600.aspx