بيت العَنكَبُوت ضعيف رَغم أنَّهُ أَقوَى مِنْ الفُولاذ
بيتُ الْعَنكَبُوت بيْتٌ ضعيف بَل أنَّهُ أكثر البيُوت ضعفًا ، رغمَ أنَّهُ قَد ثبُتَ علميًّا أنَّ خيط الْعَنكَبُوت، أقوَى منْ خُيوط الفولَاذ والنّحاس وجميع الْمَعادِن الْمَعروفَة. إِلَّا أنَّهُ مُقارنَةً بسمَاكتَهُ التي تَقل كَثيرًا عَنْ شَعرة الإِنسان، فإنَّهُ على دَرجَةٍ عاليَة من الْقُوَّة والْمُرونَة، فَهَذا الخيْط يمْكِنُهُ التَّمدُّد إلى خمسَة أضعاف طُولَهُ قبل أنْ يَنْقَطِع.
كَمَا أنَّهُ مُقارنَة بوزنِهِ وحجمِه، أقوَى من الفُولاذ بـ 20 مَرَّة، وهو ما دعا العلمَاء لتسميته بالفولاذ الحيوي، هَذهِ الحقيقَة يمكِن لكل منَّا أن يكتشفهَا، وذلِك بإزاحَة بيت العنكبوت بسهولة لأنه خفيف الوزن، ولكن يصعُب قطعُه أو تغيير شكله الهندسي.
قَالَ تعالى فِي سُورة الْعَنكبُوت: « مَثَلُ الَّذِيْنَ اتَّخَذُواْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَاْنُوا يعْلَمُون » هَذهِ الآيَة فيهَا نوعان من الإعجاز العلمِي في بَيت الْعَنكَبُوت، مَادي فيزيائي، ومعنَوي.
وردَ ذكْرُ العنكبُوت في الآيَة بصيغة التّأنيث، قالَ تعالى: «اْتَّخَذَتْ بَيْتًا» ، اكتَشَفَ العُلماء أنَّ أنثى العنكبُوت هي التي تُفرز المادّة الحريريَّة، وتقوم أيضًا بجَدل الخيوط وغزل الشّبكَة، منْ خلال مَغزل في نهايَة بطنهَا، ولا يُوجد مثلهُ عند الذكر، ويقتصِر دور الذّكر على التَّلقيح، حيث أنَّه لا يستطيع أن يَبني بيتًا، وأنَّ التي تقوم ببنَاء البيت هي أنثَى العَنكبُوت، ثم تأكل الأنثى الذكَر بعد انتهَاء عمليّة التَّزاوج.
تبدَأ الأنثى في بناء بيتِها حينما تصلُ مرحلة البلوغ والاستعداد للزواج، ليكون عامل جذب للذكر، لأنهُ غير قادر على البنَاء، تبني الأنثى بيتهَا بخيوط منسوجة بتداخلات هندسيَّة، لتكونَ شديدة الحساسية لأية اهتزازات خارجيَّة، وهَذهِ الخيوط مشبَّعة بمادَّة لزِجَة صمغيَّة تلتَصق بها الْحشرات إِذا مَرّت عليها أو اْقتربت منها، حتَّى تأتي أُنثى العنكبُوت فَتفتَرسُهَا.
بَعد أنْ ينتَهي الذّكَر منْ تَلقيح الأُنثَى، تَذهب إِلى مَكانٍ بعيد آمن فتضَع بيضهَا، ويبقَى الذّكر في بيتِه آمنًا، ثم تعود إليه الأنثى فتأكله، وهي تستفيد من أكْله، حيث إنَّ أنسجَة الذكر مهمَّة في إنضاج البيض.
يَرَى بَعض الْمُفَسِّرين أنَّ الْمَقصُود في الآيَة هُوَ :
ضعف بيت الْعَنكبُوت من النّاحية الاجتماعية والأخلاقية، فبيت العنكبوت « أَوْهَنَ الْبُيُوتِ » أي أضعف البيُوت من النّاحية الأسرية، فالأنثى الذّكر بعد التّلقيح وتأكل أبنَاءها بعد خُروجهم من البيض، وهَكَذا نرى أن الآية أشارت إلى السُّلوك الداخلي للعنكبُوت، وضعف بيتها من الناحيَة الأخلاقية والاجتماعية.