واشنطن- توني شفارتز

من الضروري أن يتوافر لدى القائد العصري الفاعل مزيج من المزايا الفكرية - كالقدرة على التفكير بطريقة تحليلية واستراتيجية ومبدعة - وأخرى عاطفية، بما يشمل الوعي الذاتي والتعاطف، أي باختصار، تتطلّب البراعة في القيادة أن يكون المرء أولاً كائناً بشرياً متكاملاً.

والجدير ذكره أنني التقي بنساء يملكن هذا المزيج من المزايا بأعداد تفوق إلى حد كبير أعداد الرجال، ولاسيما عندما يكون الأمر مرتبطاً بالذكاء العاطفي والاجتماعي.

ويعكس الأمر إلى حد ملحوظ القيود التي يطوّرها الرجال بشكل شبه مؤكد، ضمن ثقافة تقيّمنا بالاستناد إلى قدرتنا على بث الثقة، وإخفاء مشاعرنا، وتحديد هويتنا من خلال قدرتنا على التفوق على الآخرين.

ويهمّ هنا التنبيه إلى أن القسم الأكبر من كبار المسؤولين التنفيذيين الذين التقيت بهم خلال السنوات العشر الفائتة هم رجال لديهم هذه القيود ليس إلا، ويقاوم معظمهم مراجعة الذات ويقللون من شأن الصلة القائمة بين مشاعر الناس وأدائهم.

وأنا لا أشير إلى أن الانتماء إلى أحد الجنسين يضمن بعض المزايا المحددة أو يستثنيها، ولكن في معظم الأحيان، تنجح النساء أكثر من الرجال في الدفع بالقيادة إلى نطاق أكثر كمالاً على صعيد المزايا التي يحتاج إليها القادة العصريون، بما يشمل الإدراك الذاتي، والتواضع، والمصداقية.

وليست هذه وجهة نظري أنا وحسب، فقد أظهرت دراسة شملت 2250 شخصاً راشداً وأجراها مركز "بيو" للأبحاث، أن النساء حصلن على تصنيف أعلى لجهة توافر مجموعة من مزايا القيادة التي تشمل الصدق والذكاء والتعاطف والإبداع.
ومع ذلك، لم تتبوأ النساء في العام 2011 إلا نسبة 14 في المئة من مناصب الإدارة التنفيذية العليا ضمن شركات قائمة "فورتشن 500"، وهي نسبة بالكاد تحركت في خلال العقد الفائت. فما السبب في ذلك؟

تكثر الإجابات عن هذا السؤال، بما يشمل أنه حتى في أوساط أكثر النساء تعلماً، يُعطين الأولوية لتربية أولادهن، ولكن التفسير الأساسي لذلك قد يكمن في كون الرجال عادةً يتحلّون بإحدى القدرات الحيوية في سياق المنافسة على مناصب الإدارة العليا: الهجوم، وما دام الدرب إلى النفوذ متصلاً بإثبات كونك أعلى مقاماً وأكثر شراً، لا عجب في أن يكون الرجال قد بسطوا سلطتهم في معظم الأحيان.

غير أن مهارات القيادة المطلوبة لتعزيز أداء ممتاز باتت اليوم أكثر دقة من أي وقت مضى. ونحن بحاجة إلى عدد أكبر من القادة الرجال الذين يتمتعون بالشجاعة الكافية ليقرّوا بنواقصهم، ويساعدوا مرؤوسيهم على الشعور بأنهم يلقون تقديراً، بدلاً من أن يشعروا بأنهم في موقع غير مناسب. ونحن بحاجة إلى عدد إضافي من النساء اللواتي يتحلين بالشجاعة للسيطرة التامة على مواطن قوتهن، والقيادة بعزم، مع الإبقاء على تواضعهن.

وما نطلبه إذاً هو جيل جديد من القادة - من رجال ونساء - يتقبلون أضدادهم بملء إرادتهم.

* توني شفارتز هو الرئيس والمدير التنفيذي لمشروع الطاقة The Energy Project ومؤلف كتاب "كن ممتازاً في أي مجال" Be Excellent at Anything.